لم تودع عود الخال الوداع الذي يليق به، فهي وحتى من بعد دخوله القبر ما زالت غير مقتنعة أنه رحل وفارق الحياة، وأنها ستعيش بدونه هذه الحياة. كيف ستستوعب عدم وجوده، فهي لم تكن تتنفس إلا من خلال حنانه وعطفه عليها؟ لم تحضر العزاء، ذهبت إلى منزل والدتها لتقضي وقت العزاء وحدها. لم تدخل منزل الجد بعده لفترات طويلة، وكلما حان وقت زيارة الأهل للمقابر كانت تذهب وتقف أمام المقبرة ولا تنطق بأي كلمة ولا أي دعاء يذكر، فقط تقرأ الفاتحة على الموتى جميعًا. وهي غير مقتنعة بالمرة بأنه داخل هذه الحفرة، وأقنعت نفسها أنه سافر حتى يرتاح عقلها وقلبها معًا. نعم، هو مسافر إلى مكان لا تعلمه، وسوف يأتي اليوم وتذهب إليه لتلقاه، وسوف تكتب وتحكي كل شيء حدث لها منذ فراقه حتى تلقاه لترتمي في أحضانه، وتجلس بجانبه ليحتسيا القهوة معًا، وتروي له كل أخبارها، ويضحكا معًا، ويمضى الوقت دون أن يشعرا به في الأحاديث الشيقة والمواضيع المتعددة من هنا وهناك.