الالتزام القانوني الجزء 1 (أ.د/ فاروق محمد عبد الرحمن- د/ محمد العسوي أحمد محمد) يتبوأ الالتزام القانوني مركز الصدارة في شتى المجالات القانونية، فهو بمثابة القلب النابض في الجسد القانوني، فلا فاعلية لهذا الجسد بدون هذا القلب، بمعنى أنه لا يخلو أي مجال من هذه المجالات إلا وكان هو نبض الحياة فيه، وفضلًا عن ذلك، فإن هذا الأمر لم يكن وليد تطور العلاقات الاجتماعية والقانونية في هذا العصر فقط، بل إنه مصاحب لنشأة المجتمع الإنساني وتطوره خلال تاريخه الطويل، وإذا كان هذا هو شأن المسئولية، وما لها من دور فعال في المجتمع، فإن للمواد النووية والمصادر المشعة مكانة هامة بين مصادر الطاقة، والتي تعتبر بمثابة الشعلة التي تضيء طريق بناء الحضارات، وبالرغم من هذه المكانة الهامة، فإنها أضافت خطرًا جديدًا إلى ما يتعرض له الإنسان من مخاطر تقليدية. وتخلق الأنشطة النووية والإشعاعية مخاطر من نوع خاص، فعلى الرغم من مستويات الأمان العالية في هذا المجال، فإن احتمالات حدوث حوادث نووية وإشعاعية تظل قائمة، وقد تحمل هذه الحوادث مخاطر تتخطى حدود الدولة التي تحدث فيها. وعلى الرغم من الاحتمالات القليلة جدًّا لحدوث حادثة نووية أو إشعاعية كبيرة، إلا أن ذلك يوضح ضرورة وجود نظام قانوني يتعامل مع المسئولية المدنية بمجرد إقرار الدولة لأنشطة نووية وإشعاعية، وهذا النظام القانوني هو الذي يسهل عملية التعويض للضحايا، ولقد اهتم المجتمع الدولي بمعالجة الضرر الذي قد ينتج عن الأنشطة النووية والإشعاعية وتنظيم المسئولية التي تترتب على هذا الضرر، وهناك عدة معاهدات تنظم مسألة تعويض الطرف الثالث عن الضرر الذي ينتج من الحوادث النووية والإشعاعية.