ريفيو رواية الظالم

Jun 28, 2021

تخيل أن تكون طبيبًا وتتغير حياتك رأسًا على عقب في يوم وليلة بسبب زيارة مريض، تعيش حياة مختلفة، تكتشف مفاهيم جديدة، وتُجبر على خوض تجربة أنت لا ترغب بها على الإطلاق، ولكن فقط في سبيل اكتشاف معنى جديد للحياة. الدكتور محمد إبراهيم السوهاجي من أشهر جراحي مصر، كان قد غادر مصر هاربًا وعاد إليها بعد سنوات طوال يتخفي في أحد المنازل بإحدى القرى النائية. أما "الظالم"، والذي اقتبست مؤلفة الرواية إيوان زهير اسمها منه، قد تربى لديه الحقد والجبروت من قسوة معاملة أصحاب الذوات له ولأسرته الفقيرة، وتحكمهم في قوت أسرته بنفوذهم حينما كان صغيرًا، ولأن والده كان صاحب كرامة، فتعرض للكثير من المضايقات التي وصلت إلى الطرد في بعض الأحيان، بغير اكتراث لظروف الأسرة البسيطة وأبنائها الصغار، وأيقن الظالم وقتها أن مجتمعه لا يحترم سوى أصحاب النفوذ والمال، ورأى أن القسوة هي سبيله إلى السيادة، وبالفعل بات الآن ذو قوة غاشمة، يحيطه رجاله من كل مكان، ولا يجرؤ أحد أن يقف أمامه. نحن أمام حالتين غاية في التعقيد النفسي والاجتماعي، فلكل منهما ظروف نشأته المختلفة التي أثرت على سلوكه واتجاه تفكيره ونظرته للغير. تنشأ علاقة مثيرة بين الطرفين، ولك أن تتخيل الحوارات بين الظالم الذي عانى في طفولته وترك دراسته واتجه للعمل غير المشروع وبين طبيب وُلد في أسرة بسيطة، ولكنه أصرأن يكمل تعليمه ويصبح واحد من أشهر الجراحين في مصر، فالحالتين متضادتين تمامًا. المفارقة الأهم في الرواية، هو أن الطرفان على اختلاف سلوكهما وظروفهما فقد قررا أن يستغنى كلا منهم عن مصدر قوته، الدكتور محمد بالعلم، والظالم بالجبروت والمال، ليكتشفا سويًا كيف سوف ينظر لهما العالم بدون تلك القوى. لغة سلسة استخدمتها إيوان زهير، تسلسل سريع للأحداث يجعلك متشوقًا لما هو آت، شخصيات من لحم ودم تشعر وأنها قريبة منك ترى مثلها في أقاربك وجيرانك وزملائك. رحلة شاقة جعلت صاحبينا قريبين أكثر لواقع كان قد افتقده كلا منهما، وشعرا بقدر النعمة التي تحيطهما من كل اتجاه في حياتهما الطبيعية. تتركك الرواية أمام تساؤلات عدة؛ هل سيتغير مفهوم الظالم للحياة ويفهم قيمتها جيدًا؟ أم ستؤثر تلك الرحلة بالسلب ويصبح التغير مستحيلا؟

مواضيع متعلقة

التعليقات

إضافة تعليق