شعر بالخواء ، أشعر بالفقد...لا أدري شيئا عن الماضي ،لم أكن حتى أعرف إسمي حتى ناداني المزعجون به " أتريا "، لكني أدرك جيدا أن ذلك الماضي يحمل في طياته كثير من الألم ،لقد كان ميلاد ذاكرتي الجديدة منذ عامين تقريبا ،وفي كل مرة أحاول تذكر من أنا ،تفترسني الكوابيس ليلا والصداع الشديد نهارا و ينهش راسي الصداع نهارا ،وكأن جسدي يعاقبني يخبرني أنها منطقة علي الإبتعاد عنها ،لربما هو ماضي لا طاقة لي بما يحمل في طياته ،إلا أن محاولاتي بدأت تقل شيئا فشيئا ، لقد إعتدت على غرفتي الصغيرة ،فأنا يطربني صوت الرياح التي تداعب ستائر غرفتي ،ويؤنس وحدتي ضوء القمر الذي يتسرب من نافذتي إذا ما خفت الليل ، أما في النهار فلي صديقاتي الأشجار أرى من نافذتي حوالي خمسة عشر شجرة لكل منها إسمها وكل منها تحدثني ، وبينما تمر الفصول يشكي لي الشجر حين تسقط أوراقه وحين يسعد بتغريد الزهور ويأتيني وهو بأبهى حلته فالربيع متفاخرا وأنا أقول له أنني سعيدة لوجوده حتى وأن كان ذلك خريفه ، أصبحت جيدة في التواصل مع الأشياء ،فهو أسهل بكثير من البشر ،فوجودهم مزعج بحد ذاته ،وأكثرهم إزعاجا هو ذلك الطبيب ، الذي يأتي كل يوم يسأل نفس الأسئلة بنفس الترتيب هو يعاملني كدمية كشئ لا قيمة له فهو فقط يؤدي وظيفته ،أما أنا فقد إعتدت أن أمارس رياضة الصمت ،أغمض عيني حتى يختفي حديثه شيئا فشئ ،ويرحل وتترك تلك الدمى التي تلاحقه شيئا من الطعام لي وهو الشئ الوحيد الجيد في قدومهم ،حيث انتظر خروجهم من الغرفة كي أسعد بتناول الطعام مع أصدقائي الأشياء ، أتساءل كيف مر عامين من عمري بهذه السرعة ، هل سأمضي ما تبقى من عمري هنا ؟ ،الغريب أن الأمر لا يزعجني مطلقا ، فإن ما يخيفني حقا هو فكرة الخروج من هنا ، ربما غرفتي صغيرة لا تسع الكثير إلا أنها أصبحت عالمي الهادئ الذي أجد فيه السكينه