مسئولية الكاتب

Mar 08, 2021

مسئولية الكاتب

يقول الكاتب والفيلسوف الفرنسي"جان بول سارتر"

 

ينبع الأدب مباشرة من الأوضاع الإنسانية، وبالتالي فهو يتحمل المسئولية الإنسانية كاملة. فالنثر موقف من مواقف العقل تتجاوز نظرتنا فيه الكلمات لتمضي نحو الشيء المقصود، وبذلك تكون الكلمة أداة لنقل الفكرة، ننساها بمجرد أداء مهمتها، فالمرء يضع الكلمات في خدمة الفكرة.

فإذا كان الكلام لا يعني تغيير شيء في الواقع، ولا يعني تأثيرا في الأوضاع والظواهر المحيطة، فإن بوسع الكاتب حينها أن يتكلم دون أدنى مسئولية عليه، ويكفي أن يحاول تصوير الواقع بالكلمات أفضل تصوير ممكن، كما يصور الرسام الواقع بالألوان.

لكن اللغة تعبر عن الفكرة وتكشفها وتوضحها، والكلمات تخرج الشيء من منطقة الظلال وتضمه إلى نشاطها العام.

وهنا تكمن أهمية تسمية الأشياء، فإطلاق اسم على شيء ما يعني تحويلا لهذا الشيء، في المقام الأول بنقله إلى دنيا المعرفة والوعي والحضارة الإنسانية.

فنحن جميعا نأتي بكثير من الأفعال نؤثر تجاهلها لأننا لا نريد أن نحمل مسئوليتها، نفعل ذلك دون انتباه، ونمر بها في صمت، كما نمر بكثير من الأشياء لا نعطيها اسما حتى لا تدخل في حيز المعرفة التي نؤثر الجهالة بها.

فاللغة تقضي على براءة الأشياء والطابع المباشر لها، وتضع الشخص في الوقت نفسه وجها لوجه أمام مسئولياته، فلا يتطلب الأمر أكثر من كلمة حتي يكتسب الفعل معنى.

فأنا عندما أتكلم أعرف أني أحدث تغييرا، إلا إذا كنت أتكلم لمجرد الكلام، غير أن الكلام إنما هو إحداث لتغيير ووعي بإحداثه.

فمنذ اللحظة التي أطلق فيها على سلوك جاري اسما، حينها يعرف ما يفعل، وفوق ذلك فهو صار يعرف أني أعرف، وبالتالي فإن موقفه منّي سيتغير، لأنه عرف أن الآخرين يعرفون سلوكه، أو يستطيعون معرفته، ليخرج هذا السلوك من نطاق العقل الذاتي ويصبح جزءا من العقل الموضوعي.

والكاتب سواء أراد أم لم يرد، هو الشخص الذي يطلق اسماء الحب والبغض على العلاقات غير المحددة بين الناس، وهو الذي يطلق اسماء الاستبداد أو الإخاء على العلاقات الإنسانية؛

فإذا ما آثر أحد الكتاب أن يلزم الصمت عن جانب من جوانب الحياة كان من حق القارئ أن يسأله:

لماذا تكلمت عن هذا دون ذاك؟ وما دمت قد تكلمت من أجل إحداث تغيير ما، وما دام ليس هناك طريقة أخرى لديلك سوى الكلام، فلماذا تريد تغيير هذا دون ذاك؟

كما يستطيع أن يسأله لماذا تريد أن تتكلم، وعم تريد أن تتكلم بوجه عام؟

فقد قال دوستوفيسكي يوما "إن كل إنسان مسئول عن كل شيء أمام كل الناس".

مواضيع متعلقة

التعليقات

إضافة تعليق