ماهي قوة المزاج؟ يقول الروائي الإنجليزي "جوزيف كونراد" إن كل عمل نثري يتطلع إلى الوصول إلى مرتبة الفن، يجب أن يحمل ما يبرر ذلك في كل سطر من سطوره. فإذا ما كان الكاتب الروائي يتطلع أن يكون عمله الروائي فنا على الأطلاق عليه أن يوجه ندائه نحو المزاج، ليصبح مثل فن التصوير والموسيقى وجميع الأنواع الفنية الأخرى، يخرج نداءها من مزاج معين إلى جميع الأمزجة الأخرى التى لا حصر لها. فالمزاج يضفي _قوته الخفية التي لا تقاوم_ معنى حقيقا على الأحداث، ويخلق الجو الخلقي والعاطفي للمكان والزمان. ولكي يكون هذا النداء مؤثر يجب أن يكون أنطباعا ينقل عن طريق الحواس، فالحقيقة أنه لا يمكن أن ينتقل عن أي طريق آخر، لأن المزاج سواء كان فرديا، أم جماعيا غير قابل للأقناع. فالفن بجميع أنواعه يستميل الحواس في المقام الأول، لذا فعلى العمل الفني عندما يتخذ شكل الكتابة، أن يكون نداءه واستمالته موجه عن طريق الحواس، إذا ما أراد الكاتب أن تصل رغبته الرفيعة إلى المحرك السري للعواطف التي تستجيب للنداء. فعلى الروائي أن يتطلع جاهدا إلى مرونة النحت، ولون التصوير، والتأثير السحري للموسيقى، فعن طريق الأخلاص التام لعملية المزج الكامل بين الشكل والمادة فقط، وعن طريق العناية الدائمة التي لا تنقصها الشجاعة بشكل الجمل ورنينها فقط يمكن الأقتراب من المرونة واللون، ومن الممكن أن نجعل ضوء التأثير السحري يعمل لمدة لحظة سريعة الزوال على سطبع الكلمات العادية، والكلمات القديمة التي بليت وشوهت نتيجة للاستعمال السيء على مدى العصور. فعلى قدر ما يكون عمله مفيدا لابد أن يكون ممتعا.