بين الذاتية والموضوعية

May 11, 2021

الفرق بين الذاتية والموضوعية في الأدب يقول الروائي والكاتب والمفكر الفرنسي "جان بول سارتر" الفن تأمل للحياة، والتاريخ لا يحفل إلا بالموهبة. وتصنيف الكتّاب والمفكرين يتم موضوعيا تبعا لمواهبهم. نحن نكتب لحاجتنا المطلقة، فكل عمل صادر عن الروح هو في الحقيقة أمر مطلق، ولكن لا يعني هذا أن الكاتب إذ يكتب معبرا عن آلامه، أو أخطائه فهو يرفعها إلى مستوى الأمور المطلقة، وليس أيضا يكتبها من أجل التكّفير عنها. فالنحلة تصنع من رحيق الزهرة عسلا، بإحداث تحول حقيقي في جوهر الزهرة، أما الكاتب يصنع من الكلمات المعجمية الجافة عملا أدبيا مستمد من وحي مآسي حياته، وتظل تلك المآسي باقية كما هي على حالها، وربما استمد عزاء مؤقتا من وضع نفسه فوق تلك المآسي حتى يتمكن من وصفها، لكنه ما أن يفرغ من كتابته حتى يجدها ماثلة أمامه مرة أخرى. ولكن يبدأ سوء النية عندما يحاول الكاتب إضفاء معنى من معاني الغائية الفطرية على متاعبه، وإقناع نفسه بأن تلك المآسي إنما وجدت حتى يتمكن من الحديث عنها، إنه يبدو سخيفا عندما يبرر آلامه الشخصية بمثل هذا الخداع، لكنه يثير الاشمئزاز عندما يحوال أن يقدم التبرير نفسه لآلام الآخرين. إن أجمل كتب الدنيا لا يكّفر عن آلام طفل، فنحن لا نستطيع أن نكّفر عن الشر، بل يجب أن نكافحة، قد يتمكن أجمل كتب الدنيا أن يكّفر عن نفسه ويكّفر عن الفنان، لكنه لا يكّفر عن الإنسان، وكذلك فإن الإنسان لا يستطيع أن يكّفر عن الفنان، لذا نحن نريد للإنسان وللفنان أن يحرزا الخلاص معا، ونريد للعمل الفني أن يكون عملا واقعيا أيضا، نريد أن يزيد بوضح في الناس سلاحا في كفاح الإنسان ضد الشر. هذا هو الرابط بين الذاتية والموضويعة، فالأفكار أدوات للعمل، أو وسائل للهرب، والحقيقة لا تستسلم أبدا بصورة مباشرة، إنها لا تظهر إلا مرتبطة بالأخطاء، فلا موضوعية بدون ذاتية، ولا ذاتيه بلا موضوعية. تحرير/ رامي أبوراية

مواضيع متعلقة

التعليقات

إضافة تعليق