مراجعة كتاب (الأمن عهدة المسؤولية)
للمؤلف [عبد الرحمن بن أبكر الياسين]
الأمن، تلك الكلمة التي إذا مرت على سمع أي أحد منا تعنى ببنية الدول واستقرار المجتمعات، ومفهومها لم يعد مجرد حالة غياب الخوف أو درء الخطر، بل أصبح مفهومًا مركبًا يتجاوز البعد التقليدي المتمثل في حماية الحدود والمؤسسات، ليشمل كل التفاصيل الدقيقة من: أمن الفرد، والمجتمع، والفكر، والاقتصاد، والبيئة، والدين، بل و"أمن الهوية" أيضًا.
فالأمن عندما تُمَارس مهامه فهي تُمَارس باستشعار المسؤولية أمام الله أولًا، ثم أمام الضمير، والقانون، والناس، والوطن.
فالكاتب يحدثنا عن الأمن باعتباره البنية التحتية غير المرئية لأي نظام حضاري، وأن الأمن يبني بتكامل عناصر ثلاث: 1. المنظومة المؤسسية. 2. الوعي المجتمعي. 3. المسؤولية القيادية.
ولذلك نتلمس في كلمات الكاتب أن الأمن هو الحبل المتين الذي تتشبث به الأرواح لترسو على شاطئ الطمأنينة، وحين يتشابك الأمن مع المسؤولية، يولد من رحم هذا التلاقي وعدٌ صادقٌ بالحماية والرعاية.
يأخذنا الكاتب في رحلة معرفية أدبية فلسفية ماتعة حول مفهوم الأمن والمسؤولية في حُلَّة أدبية جديدة.
في هذا الكتاب، لا نقرأ عن الأمن كعنوان تقليدي، بل نغوص في جوهره العقلي والوجداني، وتشريعه الرباني والإنساني، حيث تتداخل المعاني تتجلى القيم في أبهى صورها.
الملخص والأفكار المحورية:
(الأمن في عهدة المسؤولية) هو كتاب فكري، أمني، تربوي -نُشِر على منصة «كتبنا» للنشر الشخصي- يتناول المفهوم الشامل للأمن من منظور ديني، اجتماعي، واستراتيجي ويربطه مباشرة بفكرة «المسؤولية الأخلاقية والوطنية» على مستوى الأفراد والدولة.
نجد في كتاب رؤية متكاملة للأمن باعتباره نعمة ربانية وضرورة حياتية، تتجاوز المفهوم التقليدي المرتبط بحراسة الحدود والشرطة، إلى إطار شامل يغطي أمن النفس، وأمن المجتمع، وأمن المعيشة، وأمن العبادة، والأمن النفسي.
يخبرنا المؤلف أن الأمن ليس فقط وظيفة الأجهزة، بل مسؤولية مجتمعية وأخلاقية، تبدأ من داخل الإنسان حين يستشعر المسؤولية، ويعرف «المسؤولية الأمنية» بأنها التزام وطني وديني قائم على وازع داخلي من الإيمان والأمانة.
كما يشير إلى أن الاستقرار لا يتحقق إلا بأمن نابع من عدل ووعي وشفافية، وهو ما يجعل الأمن مؤطرًا بالمساءلة، ومرتبطًا بالإتقان، ومقرونًا بالحكمة.
الأفكار المحورية:
اللغة والأسلوب:
نجد أن اللغة عربية فصيحة متينة، ذات جذور قرآنية وحديثية، تشبه لغة الخطباء والعلماء وتحتوي على تشبيهات ومجازات مكثفة مما قد يعطي انطباعًا بالصعوبة عند شرائح من القراء.
أما بالنسبة للأسلوب فقد اعتمد المؤلف على الطابع الوعظي الخطابي في السرد واعتمد أيضًا على تحليل المفاهيم مثل (الأمن، المسؤولية، السلطة...) عبر تعريفها وتأصيلها، ثم تطبيقها على الواقع، مما يقرب أسلوبه من المدرسة الفكرية المعاصرة.
في المجمل، القارئ المستهدف يجب أن يكون مثقفًا، أو مهتمًا بالقيم المجتمعية أو يهتم بالخطاب المعاصر وقبل كل ذلك يكون مهتمًا باللغة ودواخلها.
الفئة المناسبة للكتاب:
يمكننا القول إن الكتاب مناسب لفئة طلاب كليات العلوم الأمنية لكونه يطرح المفاهيم الأمنية من منظور قيمي شرعي، ويربطها بالمسؤولية القانونية والأخلاقية.
يناسب أيضًا فئة الخطباء والوعاظ ويستخدم كمادة خطابية في المساجد والندوات العامة.
وكما أن الكتاب قد يناسب البعض فقد يكون أقل تفاعلًا مع فئة أخرى من القراء الشباب أو المبتدئين بسبب اللغة عالية التراكيب والأسلوب الوعظي، ويحتاج إلى خلفية ثقافية لفهم المصطلحات والعبارات.
في النهاية: كتاب «الأمن عهدة المسؤولية» هو عمل تأصيلي جاد وعميق، يسلط الضوء على مفهوم الأمن من زاوية شرعية وإنسانية وقيمية، ويؤكد أن الأمن ليس مجرد وظيفة نظامية، بل أمانة عظيمة تحمل في القلب والعقل معًا.
رغم أن اللغة الرفيعة والأسلوب الخطابي قد لا يناسب جميع القراء، إلا أن قيمة الكتاب الفكرية والروحية تجعله ثريًا لمن يبحث عن الجانب الأخلاقي والديني في الفكر الأمني.