تشكل التعقيدات المختلفة التي نعيشها في منطقة الشرق الأوسط تحدياً حقيقياً في وجه الباحثين لمعرفة خفايا المعضلة التي تشهدها هذه المنطقة منذ أمدٍ طويل، لا تبدأ بالتأكيد مع الصراعات التي أدت إلى ولادة الدولة الأموية التي انتهت بصورةٍ تراجيدية، مازلنا نعيش تبعاتها الكارثية، ولا تنتهي بانتهاء سطوة الدولة العثمانية التي بسطت نفوذها لمدة أربعة قرونٍ متواصلةٍ على مساحات شاسعة من هذه المنقطة، كان يمكن استثمارها لتحقيق تنمية شاملة في مختلف المجالات، وذلك بالاستفادة من الاندماج الجغرافي وما نجم عنه من اندماج سكاني ومؤسساتي، إلا أن الإرادة لم تكن تسير في الاتجاه الذي يتوافق ومصالح شعوبها. لقد أصبحت المنطقة تعاني اليوم من مجموعة كبيرة من القضايا التي تؤدي ببقائها في مواقع متأخرة في سلم التطور والتنمية الإنسانية والاقتصادية. ويمكن إبراز القضايا والهموم التي تعصف بالشرق الأوسط نتيجة تضافر العوامل السلبية وتأثيرها البالغ في مسار تطورها من خلال القضايا القومية والدينية التي جعلت من المنطقة على صفيح ساخن عبر تاريخها، ومازالت تعاني بقوة من تأزم هذه القضايا في ظل غياب الحلول العقلانية لها، والقضايا الاقتصادية وما يتبعها من هدر للثروات الطبيعية والبشرية، وكذلك قضية الاضمحلال والاندثار الثقافي الذي يعد من أخطر ما واجهه أبناء المنطقة في ظل عوز الإنتاج الفكري فيها، وغزو الثقافات الخارجية عبر تطوير استراتيجيات دقيقة للقوى الخارجية التي تساهم في جعل المنطقة بعيدة عن الاستقرار ومسبباته