حيث سكن الإنسان على هذه الأرض وعاش فيها منذ عشرات آلاف السنين وكون مجموعات متعددة حتى أصبح على وضعه الحالي المكون من مجموعات ودول ونسج العديد من العلاقات فيما بينه كما سعي بكل جهد إلى تغيير حياته وواقعه نحو الأفضل فشرع بإجراء التجارب العلمية؛ مما أوصله إلى التقدم العلمي الحاصل ومع هذا التقدم المتسارع وازدياد أعداد بني البشر وتجلى الفرق فيما بينهم بخصوصية الطبيعة الإنسانية من ناحية والفقر والغني والقوة والضعف والصحة والمرض وتتبين أهمية وضع ضوابط وأنظمة وقوانين لتنظيم علاقة الإنسان بالآخر، فابتكر القوانين والأنظمة التي بدورها تكفل له حقوقه وتبين الواجبات المترتبة عليه ومع بزوغ القرن العشرين تطورت ميادين العلم في شتي المجالات والتي لم يشهد لها مثيل لاسيما في المجال الطبي حيث ظهرت وسائل فنية حديثة تخطي بها العلماء والجراحون حدود الأعمال الطبية التقليدية خاصة منها قسم الجراحة ليدخلوا في معالجة الأمراض المستعصية والتي ظلت إلى وقت قريب قاتلة وبذلك أنقذ آلاف المرضي من الموت الذي يهددهم ومع القرن الواحد والعشرون شاهدنا ثورة هائلة في شتي مناحي الحياة وفي المجال الطبي خاصة حتى إن البعض منها يفوق إدراك عقلنا البشري، ولقد تنوعت هذه الاستكشافات بين ما جاء منها علاجًا لمشكلات قائمة وما جاء منها لتحقيق الرفاهية ليس إلا ولقد أطل علينا العصر الحديث حاملا معه أبرع الاستكشافات في علاج العقم وهو التلقيح الصناعي الذي يعد ثورة تكنولوجية علمية طبية هائلة والذي فتح باب الأمل أمام العديد من الأزواج لتحقيق حلمهم في تكوين أسرة وإنجاب أطفال حيث أنهم زينة الحياة الدنيا ومما لاشك فيه أن التلقيح الصناعي أصبح أحد أهم مواضيع الساعة المطروحة على بساط البحث وخاصة عند تحديد ما يترتب عليه من إشكالات مع الوقوف على الضوابط والنظم القانونية التي يمكن أن تنظم هذا الموضوع ولما كانت الطبيعة القانونية لمختلف وسائل الإنجاب الصناعي بأنواعه سواء الداخلي أو الخارجي محل اهتمام التشريعات في محاولة منها لإضفاء المشروعية على هذه التصرفات العلمية خاصة في ظل تعقد العلاقة التي تنشأ بين الأطراف المعنية بعملية الإنجاب ولما كان التلقيح الصناعي الخارجي آثار الجدل الشديد والخلافات الفقهية الكبيرة لتلك الصورة التي نحن بصددها وهي عمليات استئجار الأرحام ولقد تجاذب العلماء فكرة استئجار الأرحام بين مجيز ومعارض وأدلى كل عالم منهم بدلوه فيها مسترشدا بادلته وما تفضيه ظروف الواقع وفي عالم اضحي كل شيء فيه محل للبيع والشراء ظهرت هذه المهنة الجديدة وتزايد الإقبال عليها مع ازدياد الحاجة وانتشار الدعوة إلى العولمة ولما كانت قضية استئجار الأرحام قضية عالقة ذات مفاسد فظهرت أهمية بحثنا في هذا المجال لإلقاء الضوء عليه لبيان تلك العمليات وبيان موقف الشريعة الإسلامية من مثل تلك العمليات وبيان الرأي الراجح فيها وبيان طرق مكافحتها لضررها البالغ على المجتمع بأثره وذلك للقضاء عليها من جذورها وللحفاظ على البشرية من اختلاط الأنساب ولمنع استغلال النساء وصون كرامتها من العبث بها.
